الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***
قلت أرأيت إن بعت سلعة من رجل على أن أخي أو رجلا أجنبيا بالخيار أياما أيجوز هذا البيع أم لا؟ في قول مالك قال قال مالك في الرجل يبيع السلعة ويشترط البائع إن رضي فلان البيع فالبيع جائز؟ قال لا بأس به وإن رضي البائع أو رضي فلان البيع فالبيع جائز فهذا يدلك على مسألتك. قلت أرأيت لو أني اشتريت سلعة على أن فلانا بالخيار ثلاثا لرجل أجنبي أو ذي قرابة لي أو على إن رضي فلان أو على أن استشير فلانا أيجوز هذا البيع في قول مالك قال قال مالك إذا اشترى الرجل سلعة على أن يستشير فلانا فالبيع جائز. قال مالك وإن اختار المشتري الشراء وقال البائع ليس لك أن تختار حتى تستشير فلانا لم يلتفت إلى قول البائع وكانت السلعة للمشتري. قلت فإن كان أراد أن يرد قال مالك ذلك له فإن قال البائع ليس ذلك لك حتى تستشير فلانا لم يلتفت إلى قول البائع قال مالك والذي اشترى على أن رضي فلان فليس ذلك للمشتري أن يمضي ولا يرد حتى يرضي فلان الذي جعل له الرضا والذي اشترى على أن فلانا بالخيار مثل ذلك. وقال أشهب إنه جائز إذا اشترى سلعة على أن رجلا أجنبيا أو ذا قرابة منه بالخيار أياما. قلت أرأيت إن اشتريت جارية على أن أستشير فلانا فقال لي فلان قد رددتها. وقال المشتري قد قبلتها قال قال مالك القول قول المشتري ولا يلتفت في هذا إلى رضا الذي جعل له المشورة مع رضا الذي شرط ذلك له. قلت أرأيت إن اشتريت سلعة وشرطت مشورة فلان وأنا بمصر وفلان بإفريقية قال أرى البيع فاسدا وإنما يجوز من ذلك الأمر القريب. قلت فإن قال المشترط الذي اشترط الخيار لفلان الغائب أنا أقبل البيع ولا أريد مشورة فلان قال يجوز البيع لأن العقدة وقعت فاسدة. قلت أرأيت إن اشتريت سلعة لفلان اشتريتها له على أنه بالخيار ثلاثا قال فذلك جائز. قلت فإن اختار المشتري على أن يجيز على فلان المشتري له أيجوز هذا؟ قال لا يجوز ذلك حتى يجيزها هو على نفسه. قلت وهذا قول مالك؟ قال نعم. قلت أرأيت إن بعت سلعة على أني بالخيار أنا والمشتري جميعا قال قال مالك لا يجوز البيع إلا باجتماعهما على الإجازة. قلت أرأيت إن بعت سلعة من رجل على أني بالخيار أياما أيجوز هذا البيع أم لا؟ قال قال مالك في الرجل يبيع السلعة ويشترط البائع إن رضي فلان البيع فالبيع جائز قال قال مالك البيع لا بأس به فإن رضي فلان فالبيع جائز فهذا يدلك على مسألتك إذا كان فلان حاضرا الذي اشترط رضاه. قلت أرأيت إن بعت سلعة عندي من رجلين على أنهما بالخيار جميعا فاختار أحدهما الأخذ واختار الآخر الرد وقال البائع لا أقبل بعضها ولا أقبل إلا جميعها قال ابن القاسم ذلك لمن أبى ولمن أراد أن يتمسك بالبيع وليس لصاحب السلعة في ذلك خيار وذلك لو أنه أوجب البيع لهما فأفلسا أو أفلس أحدهما تبع كل واحد منهما بنصف الثمن. قلت أرأيت لو أني اشتريت جارية على أني بالخيار ثلاثا فغاب البائع فاخترت الرد وأشهدت على ذلك والبائع غائب أيجوز هذا في قول مالك؟ قال نعم ذلك جائز عند مالك. قلت وكذلك إن كان البائع بالخيار فغاب المشتري واختار البائع الرد كان ذلك له في قول مالك؟ قال نعم. قلت أرأيت إن كان الخيار للمشتري فرهنها أو دبرها أو كاتبها أو أجرها أو أعتقها أو رهنها أو تصدق بها أو وطئها أو باشرها أو قبلها قال هذا كله رضا منه بالخيار وإن كان الخيار للبائع كان هذا ردا منه للجارية قلت أسمعت هذا من مالك؟ قال لا. قلت أرأيت إن اشتريت دابة على أني بالخيار ثلاثا فأتيت بالدابة إلى البيطار فهلبتها أو عربتها أو ودجتها أو سافرت عليها قال أرى هذا رضا منه بالدابة وأراها قد لزمته. قلت أسمعت هذا من مالك؟ قال لا إلا أن مالكا قال في الرجل يشتري الدابة فيجد بها عيبا فيتسوق بها بعد ذلك أنها تلزمه ويكون ذلك منه رضا بالدابة فالذي سألت عنه مثل التسوق في العيب إذا علم به أو أشد من التسوق. قلت فإن ركبها في حاجة ولم يسافر عليها قال إذا كان ذلك قريبا وكان شيئا خفيفا رأيته على خياره لأنه يقول إنما ركبتها لأختبرها وعلى هذا يأخذ الناس الدواب بالخيار ليختبروا. قلت أرأيت إن اشتريت جارية على أني بالخيار ثلاثا وجردتها ونظرت إليها في أيام الخيار أيكون هذا رضا مني بالجارية؟ قال لا إلا أن تكون إنما جردتها لتتلذذ بها واعترفت بذلك فهذا رضا منك بالجارية. قلت أرأيت إن نظر إلى فرجها أتراه رضا بالجارية ولا تصدقه في شيء من ذلك قال أراه رضا بالجارية. قلت ولم لا تجعله إذا جردها ونظر إليها مختارا لها وتجعل ذلك منه رضا بالجارية؟ قال لا لأنه يقول إنما جردتها لأنظر إليها والرقيق قد تجرد في الشراء ولا يكون ذلك رضا والفرج ليس مما يجرد في الشراء ولا ينظره إلا النساء أو من يحل له الفرج. قلت أرأيت إن اشتريت جارية على أني بالخيار ثلاثا فوطئت الجارية في أيام الخيار أو رهنتها أو أجرتها أو كاتبتها أو زوجتها أو أعتقتها أو دبرتها أو قطعت يدها أو فقأت عينها أو كان عبدا فزوجته أو ضربته أو كانت دابة فأكريتها أو دارا فأجرتها أو أرضا فأكريتها أو حماما فأجرته أو غلاما فدفعته إلى الخياطين أو الخبازين أو أسلمته إلى الكتاب أو نحو هذه الأشياء أو ساومت بها في أيام الخيار للبيع أيكون هذا كله رضا به منه بالسلعة واختيارا لها في قول مالك. ؟ قال لا أقوم على حفظ مالك في هذه المسائل إلا أن مالكا؟ قال لا يبيع الرجل السلعة إذا كان فيها الخيار حق يستوجبها لنفسه ثم يبيعها بعد ذلك. قال ابن القاسم وأرى كل ما سميت يلزمه به البيع وهذا كله رضا وقطع منه للخيار ولا حجة له إلا ما كان من قطع يده أو فقء عينه فإنه إن كان ما أصابه خطأ فإنه يرده إن شاء ويرد ما نقصه ذلك وإن كان إنما أصابه عمدا فهو عندي رضا منه وليس له أن يرده والدابة مثله إذا أصابها خطأ ردها إن شاء وما نقص من ثمنها وإن كان عيبا فاسدا فهو يضمن الثمن كله وإن كان أصابها عمدا فهو رضا بالدابة ويغرم الثمن كله. قلت أرأيت إن اشتريت ثيابا على أني بالخيار فاطلعت على عيب كان فيها عند البائع فلبستها بعد معرفتي بالعيب أيكون هذا قطعا للخيار في قول مالك؟ قال نعم. وقال أشهب لا تكون الإجارة ولا الرهن ولا السوم بها ولا الجنايات رضا منه ولا إسلامه إلى الصناعات ولا تزويجه العبد بعد أن يحلف في الرهن والإجارة وتزويج العبد ما كان ذلك منه رضا بالبيع. (وقد) روى علي بن زياد وغيره عن مالك في البيع أنه لا ينبغي له أن يبيع حتى يختار فإن باع فإن بيعه ليس باختيار ورب السلعة أحق بالخيار إن شاء جوز البيع وأخذ الثمن وإن شاء نقض البيع. قلت أرأيت لو أني اشتريت عبدا بعبد على أن أحدنا بالخيار ثلاثا أو نحن جميعا بالخيار ثلاثا فتقابضنا فمات أحد العبدين في أيام الخيار أيلزم البيع بعد الموت أم لا؟ قال قال مالك إن مات أحد العبدين في أيام الخيار فمصيبته من بائعه وإن كانا قد تقابضا. قال فقلت لمالك فلو أن رجلا ابتاع دابة على أنه بالخيار على أن ينقده ثمنها فنقده ثم ماتت الدابة في أيام الخيار قال المصيبة من البائع ويرد الثمن إلى المشتري. قال فقيل لمالك فلو أن رجلا باع من رجل سلعة على أن أحدهما بالخيار ثم مات في أيام الخيار. قال من مات منهما فورثته مكانه يكون لهم من الخيار ما كان لصاحبهم. قلت ما حجة مالك إذا جعل المصيبة في أيام الخيار من البائع قال لأن البيع لم يتم ولا يتم بينهما إلا أن يقع الخيار فما لم يقع الخيار فالتلف من البائع. قلت أرأيت لو أن رجلا باع جارية على أن المشتري بالخيار ثلاثا فأعتقها البائع في أيام الخيار قال عتقه موقوف لأن الجارية قد باعها من المشتري. قلت وهذا قول مالك قال لم أسمعه من مالك ولكنه ندم منه فيما أوجب على نفسه بقوله وبالشرط على نفسه مما غيره فيه المقدم عليه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على شروطهم. قلت فإن اختار المشتري الرد أيلزم البائع العتق الذي أعتق في أيام الخيار؟ قال نعم ذلك لازم لأن البيع لم يتم فيها إذا ردها المشتري بالشرط الذي كان له فيها وأن مصيبتها من البائع وأن ما جنى عليها وما جنت فعلى البائع وله. قلت لم أجزته وقد كان يوم تكلم بالعتق غير جائز قال قال مالك في الذي يخدم جاريته سنة أو يؤاجرها سنة ثم يعتقها إن عتقها في تلك الحال غير جائز وأنه موقوف فإذا رجعت إليه عتقت عليه بالعتق الذي كان أعتقها يومئذ فكذلك الذي أعتق في أيام الخيار ألا ترى أن ملكه لم يزل عن المخدمة والتي أجر ورأيي أنه في عتقه مضار نادم فيما أوجب على نفسه من هذا الشرط الذي لزمه ولا يستطيع الرجوع فيه. قال ابن وهب وأن يونس بن يزيد ذكر أنه سأل بن شهاب عن رجل أسكن رجلا دارا حياته فتوفي رب الدار ولم يترك مالا غيرها وعليه دين قال ابن شهاب لا تباع حياة الذي أسكنها وأن عبد الله بن عمر قال في رجل أسكن رجلا دارا عشر سنين أو آجره ثم مات رب الدار قال الدار راجعة إلى الورثة والسكنى إلى حدها وأن عبد الجبار ذكر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال من أسلف رجلا سلفا فليس له أن يعجله إن كان سمي له أجلا إلا إلى أجله لأن ذلك معروف. قلت أرأيت إن اشتريت ثيابا على أني بالخيار إذا نظرت إليها أو رقيقا أو غنما فنظرت إليها كلها وأنا ساكت حتى إذا نظرت إلى آخرها فقلت لا أرضى أيكون ذلك لي أم لا؟ وهل يجعل خياري إلى نظري إلى آخرها أم لا؟ قال أرى أن يكون خيارك نظرك إلى آخر تلك السلعة فإذا رأيت آخرها فإن شئت قبلتها جميعا وإن شئت رددتها كلها. قلت أرأيت لو أني اشتريت حنطة على أني بالخيار إذا نظرت إليها فنظرت إلى بعض الحنطة فرضيتها ثم نظرت إلى ما بقي فلم أرضه وهذا الذي لم أرضه على صفة الذي رضيت أيلزمني جميعها أم لا؟ قال يلزمك الجميع لأن الصفة واحدة وقد رضيت أوله حين نظرت إليه فإذا كان كله على الصفة التي رضيتها أول ما رأيت فذلك لك لازم. قلت فإن رأيت أول الحنطة فرضيتها ثم خرج آخر الحنطة مخالفا لأولها فقلت لا أقبلها وأنا أرد جميع الحنطة وقال البائع قد رضيت الذي رأيت ولا أقيلك في الذي رضيت. ؟ قال لا يلزم المشتري شيء من ذلك وله أن يرد جميعه لأنه لم يتم له الجميع على ما أراد إذا كان الخلاف كثيرا. قلت فإن قال المشتري أنا أقبل الذي رأيت ورضيت بحصته من الثمن وأرد هذا الذي خرج مخالفا للذي رأيت أولا ولا أرضى به وقال البائع إما أن تأخذ الجميع وإما أن تدع الجميع قال القول قول البائع وليس للمشتري أن يأخذ بعضها ويدع بعضها إلا أن يرضى البائع بذلك وكذلك إن قال البائع أنا ألزمك بعضا وأترك بعضا لم يكن ذلك له إذا أبى المشتري. قلت وهذا قول مالك في الحنطة؟ قال نعم هو قول مالك في الحنطة قلت وجميع ما يوزن ويكال مثل الحنطة في قول مالك؟ قال نعم... قلت: فما قول مالك فيمن اشترى جارية على أنه بالخيار ثلاثا فأصابها صمم أو عور أو بكم أو عيب أقل من ذلك وقد قبض المشتري الجارية أو لم يقبضها ? قال: قال مالك في الموت: إنه من البائع وأرى في العيوب أن المشتري بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك قلت: فإن أراد أن يأخذها ويضع عنه قيمة العيب الذي حدث ? قال ليس له ذلك وإنما له أن يأخذها بجميع الثمن أو يدع قلت: فإن اشتراها على أنه بالخيار فحدث بها عيب قبل أن يقبضها أو بعد ما قبضها في أيام الخيار ثم ظهر على عيب كان بها عند البائع باعها به ? قال: إن شاء ردها وإن شاء أخذها بجميع الثمن قلت: ولا يكون للمشتري أن يأخذها ويوضع عنه قيمة العيب الذي باعها وهو بها ? قال: لا قلت: ولم وقد حدث بها عيب بعد ما اشتراها في أيام الخيار وهو لو لم يكن له فيها خيار فحدث بها عيب بعد الشراء في الاستبراء ثم ظهر على عيب كان بها عند البائع كان له أن يأخذها ويرجع بقيمة العيب الذي باعها به من الثمن أو يردها وما نقص ? قال: لا لأن العيب الذي أصابها في أيام الخيار أو في الاستبراء إذا كان مما لا يجوز بيعها على البراءة من الحمل إنما هو من البائع قبضها المشتري أو لم يقبضها فليس ذلك من المشتري فكأنه اشتراها بذلك العيب الذي حدث في الخيار وفي الاستبراء فليس للمبتاع ها هنا إلا أن يأخذها بجميع الثمن أو يدع قلت: أرأيت إن أراد المشتري لما ظهر على العيب الذي دلس له البائع وقد كان أصابها عيب في أيام الخيار وأصابها عنده بعد ما قبضها وخرجت من الاستبراء عيب آخر مفسد فأراد أن يحبسها ويرجع بقيمة العيب الذي باعها به البائع ? قال: ينظر إلى العيب الذي حدث في أيام الخيار فإن كان عورا قيل ما قيمة هذه الجارية وهي عوراء يوم وقعت الصفقة بغير العيب الذي دلسه البائع وقيمتها بالعيب الذي دلسه البائع يومئذ أيضا فيقسم الثمن على ذلك كله فيطرح من الثمن حصة العيب الذي دلس البائع فإن أراد أن يرد نظر إلى العيب الذي حدث عنده كم ينقص منها يوم قبضها فيرد ذلك معها ولا ينظر إلى العيب الذي حدث في أيام الخيار في شيء من ذلك قال ابن القاسم: وإنما مثل العيب الذي حدث في أيام الخيار فيقال للمشتري: إن أحببت أن تأخذ بالثمن كله وإلا فاردد ولا شيء لك إنما ذلك بمنزلة العيب الذي يحدث في عهدة الثلاث فهو من البائع وإن أطلع المشتري على العيب الذي باعها به البائع وقد حدث بها عيب آخر في عهدة الثلاث فالمشتري بالخيار إن شاء أن يأخذها بالعيبين بجميع الثمن وإن شاء أن يردها وليس له أن يقول: أنا آخذها وأرجع بالعيب الذي دلسه لي البائع لأن ضمان العيب الذي حدث في عهدة الثلاث من البائع قلت: أرأيت إن اشتريت بئرا على أني بالخيار عشرة أيام فانخسفت البئر في أيام الخيار ? قال: قال مالك: ما كان من مصيبة في أيام الخيار فذلك من البائع قال مالك: وسواء إن كان الخيار للبائع أو للمشتري فالمصيبة من البائع. قلت أرأيت لو أني اشتريت جارية على أني بالخيار ثلاثا فولدت عندي أو قطعت يدها قطعها رجل أجنبي أيكون لي أن أردها ولا يكون علي شيء؟ قال نعم تردها وترد ولدها ولا يكون عليك شيء إن نقصتها الولادة وفي الجناية عليها أيضا تردها ولا شيء عليك ويتبع سيدها الجاني إن كان جنى عليها أحد وإن كان أصابها ذلك من السماء فلا شيء عليك ولك أن تردها. قلت فإن كان المشتري هو الذي جنى عليها في أيام الخيار قال له أن يردها ويرد معها ما نقصها إن كان الذي أصابها به خطأ وإن كان الذي أصابها به عمدا فذلك رضا منه بالخيار. قلت أرأيت إن كان المشتري بالخيار أو البائع إذا باع فاختار الاشتراء وقد ولدت الأمة في أيام الخيار. قال لم أسمع من مالك في ذلك شيئا وأن الولد مع الأم ويقال للمشتري إن شئت فخذ الأم والولد بجميع الثمن أو دع. قال وقال لي مالك في الرجل يبيع عبده على أنه بالخيار أياما سماها فدخل العبد عيب أو مات إن ضمان ذلك من البائع. قال مالك ونفقة العبد في أيام الخيار على البائع. قال ابن القاسم وكذلك الرجل إذا باع أمته على أنه بالخيار ثلاثا فوهب لأمته مال أو تصدق به عليها إن ذلك المال للبائع لأن البائع كان ضامنا للأمة وكان عليه نفقتها. قال ولقد قال مالك في الرجل يبيع العبد وله مال رقيق أو حيوان أو عروض أو غير ذلك فيشترط المشتري مال العبد فيقبض مشتري العبد رقيق العبد ودوابه وعروضه فتلف المال في أيام العهدة الثلاثة. قال مالك ليس للمشتري أن يرجع على البائع بشيء من ذلك ولا يرد العبد. قلت فإن هلك العبد في أيام الخيار في يدي المشتري أينتقض البيع فيما بينهما ولا يكون للمشتري أن يحبس مال العبد ويقول أنا أختار البيع وأدفع الثمن؟ قال نعم لأن العبد إذا مات في أيام العهدة انتقض البيع فيما بينهما وإن أصاب العبد عور أو عمى أو شلل أو دخله عيب فإن المشتري بالخيار إن أحب أن يرد العبد ويرد ماله على البائع فذلك له وينتقض البيع وإن أراد أن يحبس العبد بعينه ويحبس ماله ولا يرجع على البائع بشيء فذلك له. قلت فإن أراد أن يحبس العبد وماله ويرجع على البائع بقيمة العيب الذي أصاب العبد في أيام العهدة قال ليس ذلك له لأن ضمان العبد في عهدة الثلاث من العيوب والموت من البائع ويكون المشتري بالخيار إن أحب أن يقبل العبد مجنيا عليه والعقل للبائع فذلك له وإن أحب أن يرد العبد فذلك له فلما قال لي مالك في عقل جناية العبد في أيام العهدة إنها من البائع علمت أن الجناية على العبد أيضا في أيام الخيار للبائع إذا اختار البيع ويكون المشتري بالخيار إن شاء قبل العبد بعيبه ويكون العقل للبائع وإن شاء ترك فالولد إذا ولدته الأمة في أيام الخيار مخالف لهذا عندي أراه للمبتاع إن رضي البيع. وقال أشهب الولد للبائع فإن اختار المشتري البيع وقبض الأم فاجتمعا على أن يضم المشتري الولد أو يأخذ البائع الأم فيجمعان بينهما وإلا نقض البيع بينهما في الأم وردت إلى البائع. قلت أرأيت إن اشتريت عبدا على أني بالخيار أياما فقتل العبد رجلا أيكون لي أن أرده؟ قال نعم. قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى ثوبين أو عبدين على أن يأخذ أحدهما بألف درهم أيهما شاء أخذ وهو بالخيار ثلاثا فمات أحد العبدين أو ضاع أحد الثوبين قال قال مالك إذا اشترى الثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بثمن قد سماه فضاع أحد الثوبين أن الضياع من المشتري في نصف ثمن الثوب التالف فلا يضمن إلا ذلك ولو ضاعا جميعا لم يضمن إلا ثمن واحد لأنه أخذ واحدا على الضمان وآخر على الأمانة قال سحنون وقد قال لي أشهب إن مات أحد العبدين فمن مات منهما فهو من البائع وأنت بالخيار في الباقي إن شئت أخذته بالثمن وإن شئت رددته. قلت لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا اشترى عبدين أو ثوبين على أن يأخذ أحدهما بألف درهم أيهما شاء وهو بالخيار ثلاثا فمات أحد العبدين أو ضاع أحد الثوبين قال قال مالك في الرجل يشتري الثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بثمن قد سماه فضاع أحد الثوبين قال يضمن المشتري نصف ثمن الثوب التالف ويكون له أن يرد الباقي إن شاء وقد سمعت مالكا أيضا يقول في الرجل يأتي الرجل يسأله الدينار فيعطيه ثلاثة دنانير يختار أحدهما ويرد دينارين فيأتي فيذكر أنه تلف منه ديناران. قال مالك يكون شريكا. سحنون ومعناه إن لم يعلم بتلفهما إلا بقوله. قلت أيكون للمشتري أن يقول أنا آخذ الباقي؟ قال نعم. قلت فإن مضت أيام الخيار أينتقض البيع ولا يكون للمشتري أن يأخذ واحدا منهما قال أما ما قرب من أيام الخيار فله أن يأخذ أيهما شاء بالثمن الذي سماه وإن مضت أيام الخيار وتباعد ذلك فليس له أن يأخذ وقد انتقض البيع بينهما إلا أن يكون قد أشهد أنه قد أخذ قبل مضي أيام الخيار أو فيما قرب من أيام الخيار. قال وهذا قول مالك. قلت أرأيت إن اشتريت ثوبين صفقة واحدة على أني بالخيار ثلاثا فضاع أحد الثوبين في أيام الخيار وجئت بالثوب الباقي لأرده قال ذلك لك ترده ويفض الثمن على قيمة الثوبين فما أصاب الثوب الذي رددت من الثمن رد عليك وما أصاب الثوب الذي هلك من الثمن كان للبائع. قلت وكذلك لو أني اشتريت ثوبين على أني بالخيار ثلاثا ثم جئت لأردهما فضاعا في أيام الخيار؟ قال لا يجوز قولك ولا تصدق بقولك أنهما ضاعا والثمن لازم لك لأن الثوبين مما يغيب عليهما ولا تكون عليك القيمة لأنا إذا ذهبنا أن نردك إلى القيمة وكانت القيمة أقل لم نردك إلى أقل من الثمن بقولك ولم نصدقك خوفا من أن تكون غيبتهما فإن كانت القيمة أكثر من الثمن لم يعطها البائع لأنه قد رضي بالثمن الذي باعها به. قلت أرأيت إن أخذت ثوبين على أن آخذ أيهما شئت بعشرة دراهم فذهبت بهما لأردهما فضاعا في يدي أو ضاع أحدهما في يدي قال إن ضاعا جميعا رأيت عليك الثمن في أحدهما وأنت في الآخر مؤتمن. قلت لابن القاسم هل يكون البائعان بالخيار ما لم يفترقا في قول مالك قال قال مالك لا خيار لهما وإن لم يفترقا. قال مالك البيع كلام فإذا أوجبا البيع بالكلام وجب البيع ولم يكن لأحدهما أن يمتنع مما قد لزمه. قال مالك في حديث بن عمر المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا إلا بيع الخيار. قال مالك ليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه وقد كان بن مسعود يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما بيعين تبايعا فالقول ما قال البائع أو يترادان. قال ابن وهب وقد ذكر إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيدة عن بن لعبد الله بن مسعود أنه حدثه عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف المتبايعان استحلف البائع ثم كان المبتاع بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك. قال سحنون وقال أشهب الذي اجتمع عليه أهل العلم من أهل الحجاز أن البائعين إذا أوجبا البيع بينهما فقد لزم ولا خيار لواحد منهما إلا أن يكون اشترط الخيار أحدهما فيكون ذلك المشترط على الخيار على صاحبه وليس العمل على الحديث الذي جاء البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ونرى والله أعلم أنه منسوخ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم ولقوله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان استحلف البائع. قال سحنون وقال غيره فلو كان الخيار لهما كلف البائع اليمين ولقال هب الأمر كما قال المبتاع أليس لي أن لا أقبل وأن يفسخ عني البيع فإذا صادقته على البيع كان لي أن لا يلزمني فإذا خالفته فذلك أبعد من أن يلزمني. قال ابن وهب وقد قال مالك الأمر عندنا في الذي يشتري السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن فيقول البائع بعتكها بعشرة دنانير ويقول المشتري اشتريتها بخمسة دنانير إنه يقال للبائع إن شئت فأعط المشتري بما قال وإن شئت فاحلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت فإن حلف قيل للمشتري إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع وإما أن تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت فإن حلف بريء منها وذلك أن كل واحد منهما مدع على صاحبه. قال سحنون وأخبرني بن وهب ووكيع عن سفيان عن هشام عن بن سيرين عن شريح قال إذا اختلف البائعان وليس بينهما بينة قال إن حلفا ترادا وإن نكلا ترادا وإن حلف أحدهما ونكل الآخر لزمه البيع. قلت أرأيت هل يجيز مالك الخيار في الصرف؟ قال لا. قلت فهل يجيز مالك الخيار في التسليف قال إذا كان أجلا قريبا اليوم واليومين ولم يقدم رأس المال فلا أرى به بأسا وهو قول مالك. قلت فإن أبطل الذي له الخيار خياره قبل أن يفترقا أو بعد ما تفرقا وقد كان الخيار في السلم أجلا بعيدا؟ قال لا يجوز وإن أبطل الذي له الخيار خياره من قبل أن الصفقة وقعت فاسدة فلا يصلح وإن أبطل خياره. قلت وكذلك الخيار في الصرف إن كان أحدهما بالخيار وأبطل خياره قبل أن يتفرقا؟ قال نعم لا يجوز ذلك إلا أن يستقبلا صرفا جديدا لأن الصفقة وقعت فاسدة. قلت أرأيت إن صرفت دراهم بدينار على أن أحدنا بالخيار قال قال مالك لا يجوز هذا في الصرف وهذا باطل. ولا يجوز الخيار في الصرف. قال مالك ولا حوالة ولا كفالة ولا شرط ولا رهن ولا يجوز في الصرف إلا المناجزة حتى لا يكون بين واحد منهما وبين صاحبه عمل. قال سحنون ألا ترى إلى حديث مخرمة بن بكير الذي ذكره عن أبيه قال سمعت عمرو بن شعيب يحدث يقول قال عبد الله بن عمرو بن العاص قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا عينا بعين ولا الورق بالورق إلا عينا بعين إني أخشى عليكم الرماء ولا تبيعوا الذهب بالورق إلا هاء وهلم ولا الورق بالذهب إلا هاء وهلم وإن عمر قال في الصرف وإن استظهرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره. قلت أرأيت إن اشتريت جاريتين على أني فيهما بالخيار آخذ إحداهما بألف درهم فذلك لي لازم أترى هذاالبيع لازما في قول مالك؟ قال لا أرى به بأسا لأن مالكا قال في الثياب والكباش وما أشبههما من العروض يشتري الرجل السلعة بكذا وكذا يختارها من سلع كثيرة أنه لا بأس بذلك وكذلك الجواري والثمن في مسألتك في السلع قد وجب عليه في إحداهما وإنما قال له اختر في أيتهما شئت فهي لك بألف درهم ولم يقل له اختر إن شئت هذه بألفين وإن شئت هذه بألف على أن إحداهما لازمة فهذا الذي كره مالك. قلت أرأيت إن اشتريت جاريتين هذه بخمسمائة وهذه بألف على أن أختار إحداهما قال قال مالك لا يصلح هذا البيع إذا كان يأخذهما على أن إحداهما قد وجبت له إن شاء التي بخمسمائة وإن شاء التي بألف. قال قال مالك فإن كان أخذهما على أن ينظر إليهما إن أحب أن يأخذ أخذ وإن أحب أن يترك ترك والبائع أيضا كذلك لا يلزمه شيء من البيع إن أحب أن يمضي أمضى وإن أحب أن يرد رد فلا بأس بهذا وإن أخذهما على أن البيع في إحداهما لازم للمشتري أو للبائع فلا خير في ذلك عند مالك. قلت ولم كرهه مالك قال لأنه كأنه فسخ هذه في هذه أو هذه في هذه فلذلك كرهه من قبل الخطر فيهما لأنه لا بد من أن تكون إحدى السلعتين أرخص من صاحبتها فهو إن أخطأ المشتري فأخذ الغالية كان قد غبنه البائع وإن أخذ الرخيصة كان المشتري قد غبن البائع وهو من بيعتين في بيعة وإنما مثلهما مثل سلعة واحدة باعها بثمنين مختلفين مما يجوز أن يحول بعضها في بعض بدينار وثوب أو ثوب وشاة قد وجب عليه أن يأخذ أيهما شاء قال مالك لا خير فيه لأنه لا يدري بما باع ولأنه من بيعتين في بيعة. قال سحنون وقال ابن وهب وبن نافع وقد كان عبد العزيز بن أبي سلمة يجيز مثل هذا إذا قال الرجل للرجل هذا الثوب بسبعة وهذا الثوب بخمسة والوزن واحد فاختر فيهما وقد وجب لك أحدهما فلا بأس بذلك وتفسير حلال ذلك أنه كأنه أخذ الذي بسبعة ثم رده وأخذ الذي بخمسة ووضع درهمين من السبعة عن نفسه وكأنه اشترى درهمين من السبعة التي كانت عليه والثوب الذي بخمسة بالثوب الذي كان أخذه بسبعة ثم رده وبقيت عليه خمسة وصار الثوب الذي بخمسة له فليس في هذا دراهم بدراهم. قال عبد العزيز بن أبي سلمة وإذا كانت الدراهم مختلفة الوزن هذه نقص وهذه وازنة فلا يصلح في رأيي وتفسير ذلك أنه كأنه أخذ الثوب الذي بخمسة قائمة ثم رده وأخذ الثوب الذي بسبعة نقص وجعل مكان الخمسة القائمة سبعة نقصا فلا يستطيع إلا أن يخرجهما جميعا نقصا لأنه ليس موضع قصاص حين لم يكن مثلها. قال مالك وعبد العزيز في الذي يبيع السلعة بعشرة نقص أو بسبعة وازنة كلتاهما نقدا أو يوجب عليه إحدى الثمنين قالا لا يصلح وتفسير ذلك أنه ملكه وزنين مختلفين فهو كأنه أخذ بالنقص وصارت عليه ثم فسخ ما ملك فسخه وأعطاه مكانها وازنة فلا يصلح اشتراء أحد الثمنين بصاحبه. قال ابن وهب وقال يونس سألت ربيعة ما صفة البيعتين تجيزهما الصفقة الواحدة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة واحدة فقلت ما صفة ذلك فقال ربيعة يملك الرجل السلعة بالثمنين عاجل وآجل وقد وجب عليه أحدهما كالدينار نقدا والدينارين إلى أجل فكأنه إنما يبيع أحد الثمنين بالآخر فهذا مما يقارب الربا. قال مالك وعبد العزيز وتفسير ما كره من ذلك أنه ملكك ثوبه بدينار نقدا أو بدينارين إلى أجل تأخذهما بأيهما شئت وقد وجب عليك أحدهما فهذا كأنه وجب عليك بدينار نقدا فأجزته وجعلته بدينار إلى أجل أو فكأنه وجب عليك بدينارين إلى أجل فجعلتهما بدينار نقدا فكل شيء كره لك أن تعطي قليلا منه بكثير إلى أجل فلا يصلح لك أن تملكهما بذلك يفسخ أحدهما بصاحبه ومن ذلك أن كل شيء كان عليك فلم يصلح لك أن تفسخه في غيره وتؤخره فلا يصلح لك أن تملك ذلك للخيار فيه. قال وحدثني وكيع عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه في الرجل يشتري من الرجل الثوب بالنقد بكذا وكذا وبالنسيئة بكذا وكذا. فقال الصفقتان في الصفقة ربا. قال ابن وهب قال يونس وكان أبو الزناد يقول مثل قول ربيعة في البيعتين بالثمنين المختلفين. قال مالك ونهى عنه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أن يشتري بعشرة نقدا أو بخمسة عشر إلى شهر. قال ابن وهب قال مخرمة عن أبيه وكره ذلك سليمان بن يسار والقاسم وعبد الرحمن بن القاسم ونافع. قال ابن وهب عن الليث بن أبي سعد قال وقال يحيى بن سعيد البيعتان اللتان لا تختلف الناس فيهما ثم فسر من نحو قول ربيعة بن عبد الرحمن. قلت أرأيت إن اشتريت هذا الطعام من رجل كل إردب بدرهم أو هذه الثياب كل ثوب بدرهم أو هذه الغنم كل شاة بدرهم على أني بالخيار ثلاثا فاخترت أن آخذ بعضها وأترك بعضها أيجوز لي هذا أم لا؟ قال لا يجوز إلا أن تأخذ جميعه لأنها صفقة واحدة إلا أن يرضى البائع أن يجيز ذلك. قلت وهذا قول مالك؟ قال نعم ألا ترى أن مالكا قال في الرجل يشتري القمح المصبر كل قفيز بدرهم أنه جائز وليس له أن يأخذ بعضه ويدع بعضه. قلت أرأيت من أخذ سلعة من رجل بمائة دينار إن رضيها أو على أن يريها فماتت قبل أن يرضاها أو قبل أن يريها أو تلفت أيكون ضمانها من البائع أم من المشتري قال قال لنا مالك في بيع الخيار ضمانها أبدا من البائع حتى يرضى المشتري إذا كان ذلك حيوانا أو مما لا يغاب عليه فإن كان مما يغاب عليه ضمنه المشتري إلا أن تقوم له بينة على تلفه. قلت أرأيت إن اشتريت سلعة على أني بالخيار ثلاثة أيام فتلفت السلعة عندي قبل أن أختار ممن مصيبتها في قول مالك قال إن كانت حيوانا أو أرضين أو دورا فمصيبتها من البائع وإن كانت غير حيوان مما يغاب عليه فهلكت هلاكا ظاهرا فمصيبتها من البائع وإن غاب عليها المشتري ولم يعلم هلاكها إلا بقوله لم يصدق. قلت فما يغرم قال الثمن. قلت وهو قول مالك أنه يغرم الثمن؟ قال نعم. قلت أرأيت من اشترى سلعة على أنه بالخيار ثلاثا فقبض السلعة ونقد الثمن أو لم ينقد فماتت السلعة في يدي المشتري في أيام الخيار أتكون من البائع أو المشتري في قول مالك وكيف إن كان الخيار للبائع أو المشتري أهو عند مالك سواء أم لا؟ قال قال لي مالك الموت في أيام الخيار من البائع وإن كان قد اشترط النقد وانتقد وقبض المشتري السلعة فهي من البائع ويرد البائع الثمن على المشتري قال مالك وسواء إن كان الخيار للبائع أو للمشتري قال قال مالك وإذا ماتت السلعة في أيام الخيار فهي من البائع على كل حال لأن البيع لم يتم ولا يتم حتى يقع الخيار ويرضى من جعل له الخيار. بن وهب سمعت مالكا يقول في الرجل يبتاع الجارية ويكون فيها بالخيار شهرا وينقد على ذلك فإن البيع مردود فإن نقد الثمن وجهل ذلك وكان فيهما بالخيار ثم ماتت الجارية فإنها من البائع. قلت أرأيت إن هلكت السلعة في أيام الخيار ممن هي في قول مالك قال من البائع قبض المشتري أو لم يقبض نقد أو لم ينقد قال وكذلك قال مالك. قال وسألت مالكا عن الرجل يبيع السلعة على أن البائع أو المبتاع فيها بالخيار فتصاب السلعة في ذلك قال هي من البائع حتى ينفذ البيع وخيار البائع وخيار المبتاع في ذلك سواء سحنون إنما كانت السلعة وضمانها من البائع في أيام الخيار وإن كان المشتري قد قبضها ونقد ثمنها أو لم ينقد من قبل أنه بيع لم يتم ولا يتم حتى تمضي أيام الخيار ألا ترى أن الجارية التي تباع بالاستبراء فهي من البائع حتى تحيض والعبد في عهدة الثلاث هو من البائع أبدا حتى يخرج منها وقد تم الأمر فيهما لما مضى في ذلك من السنة ومن قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين. قال سحنون وذكر أشهب عن بن لهيعة أن حبان بن واسع حدثه عن محمد بن يزيد بن ركانة أنه قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ العهدة فيما اشترى ثلاثة أيام فلما استخلف عمر بن الخطاب قال إني نظرت في بيوعكم فلم أجد لكم شيئا مثل العهدة التي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ فيما اشترى ثلاثة أيام ثم قضى به عبد الله بن الزبير. قال ابن وهب وأخبرني بن أبي الزناد عن أبيه قال قضى عمر بن عبد العزيز في رجل باع من أعرابي عبدا فوعك العبد في عهدة الثلاث فمات فجعله عمر من الذي باعه. بن وهب وأشهب عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري أنه سمع أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل يذكران في خطبتهما عهدة الرقيق في الأيام الثلاثة من حين يشتري العبد أو الأمة وعهدة السنة ويأمران بذلك وان عمر بن الخطاب قضى في جارية جعلت على يدي رجل حتى تحيض فماتت انها من البائع ذكره. بن وهب عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن زيد بن إسحاق وقال يونس قال ابن شهاب مثله قال ابن وهب. قال ابن شهاب وإن كانت حاضت فهي من المبتاع. قال سحنون فكيف بالخيار الذي له شرطه في الإجازة والرد. قلت أرأيت كل شيء اشتراه الرجل من حيوان أو دور أو نخل أو عروض أو شيء مما يقع عليه بياعات الناس اشتراه رجل واشترط الخيار يوما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك أيصلح فيه النقد في قول مالك؟ قال لا. قلت فإن اشترط النقد قال فقد وقعت الصفقة في قول مالك فاسدة قال وقال مالك لا يصلح النقد في بيع الخيار. قلت فإن لم يشترطوا النقد وقعت الصفقة صحيحة ويكون بيعا جائزا؟ قال نعم وقال شهاب ووجه فساد اشتراط النقد أنه بيع وسلف يقول البائع للمبتاع أسلفني خمسين دينارا ثمنها وأنت علي بالخيار ثلاثا فإن شئت أخذت بها مني داري هذه أو عبدي هذا أو متاعي هذا أو دابتي هذه أو ما كان فيه البيع فهو لك فإن تم أخذه وصار له سلفا تم فيه البيع وإن رد البيع ولم يجزه رجع فأخذ سلفه من البائع فانتفع البائع بالذهب باطلا من غير شيء. قلت لابن القاسمفكل بيع اشتراه صاحبه وهو فيه بالخيار على أن ينقد فأصاب السلعة عيب في أيام الخيار ثم انقضت أيام الخيار وقبضها وعلم بالعيب في أيام الخيار ورضيه ثم حالت أسواق تلك السلعة أو تغيرت بنماء أو نقصان بدنها ثم أصابها عنده عيب مفسد ثم ظهر على عيب دلسه البائع. قال إن شاء حبسها ووضع عنه قدر العيب الذي دلس له البائع من قيمتها يوم قبضها لأنه قبضها على بيع فاسد فصارت قيمتها يوم قبضها هو ثمنها وبطل الثمن الأول كان أقل من القيمة أو أكثر من قيمتها وصارت قيمتها لها ثمنا وإن شاء ردها بالعيب الذي دلس له ويرد ما أصابها عنده من العيب أو يحبسها ويرجع بالعيب الذي دلس له من قيمتها. قال وإن لم يحدث بها عنده عيب مفسد كان بالخيار إن شاء ردها بالعيب الذي دلس له وإن شاء حبسها وغرم قيمتها يوم قبضها. قلت والخيار له بحال ما وصفت لي؟ قال نعم لأنه إنما نقصت أيام الخيار وقبضها المشتري حدث بها في يديه عيب آخر أو حالت في بدنها وجبت له بقيمتها يوم انقضت أيام خياره وقبضها ثم كان بالخيار في ردها وأن يرد معها من قيمتها التي وجبت له عليه ما نقصها العيب. قلت لابن القاسم أرأيت إن أسلفت رجلا في طعام معلوم على أن أحدنا بالخيار يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين قال إن اشترط أجل يوم أو يومين أو نحو ذلك فلا بأس به ما لم يقدم النقد وإن اشترط أبعد من ذلك لم يجز قدما النقد أو لم يقدماه. قلت فلم جوز له إذا لم يقدم النقد وكرهته إذا قدم النقد على ماذا رأيته من قول مالك قال إنما أجزت الخيار فيه إذا لم يقدم النقد وكان أجل الخيار قريبا لأني أجيز له أن يؤخر رأس مال السلف يوما أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك في قول مالك فلما اشترط الخيار إلى الموضع الذي يجوز له أن يؤخر نقده إلى ذلك الأجل أجزت له الخيار إلى ذلك الأجل وكرهت له أن يقدم نقده ويشترط الخيار لأحدهما لأنه يدخله بيع وسلف وسلف جر منفعة. قال ابن القاسم ألا ترى أنه إذا قدم النقد واشترط الخيار فكأنه أسلفه هذه الدنانير إلى أجل الخيار على أن جعلاها بعد أجل الخيار في سلعة إلى أجل موصوف فصارت الدنانير سلفا وصارت السلعة الموصوفة تبعا بهذه الدنانير بعد انقضاء أجل الخيار فصارت سلفا جر منفعة. قلت ولم كرهته إذا كان أجل الخيار إلى شهر أو شهرين إذا لم يقدم رأس المال قال لأنه يصير دينا بدين والخيار أيضا لا يكون أيضا في قول مالك إلى شهر وإنما جوز مالك الخيار في البيوع على قدر اختيار الناس السلع التي يشترون. قلت فإن قدم رأس المال وشرط الخيار وضرب للسلف أجلا بعيدا؟ قال لا يجوز في قول مالك أيضا لأن مالكا لا يجيز هذا الخيار إلى هذا الأجل في شيء من البيوع. قلت وكل من اشترى سلعة من السلع على أنه بالخيار وإن كان خياره يوما واحدا فلا يجوز اشتراط النقد في ذلك؟ قال نعم لا يجوز اشتراط النقد في ذلك عند مالك. قلت أرأيت لو أني اشتريت سلعة على أني بالخيار ثلاثا فجئت بها في أيام الخيار لأردها فقال البائع ليست هذه سلعتي قال القول قول المشتري لأن البائع قد ائتمنه على السلعة. قلت أتحفظ هذا عن مالك؟ قال لا. قلت أرأيت ان اشتريت جارية على أني بالخيار ثلاثا فغبت بالجارية ثم أتيت بها في أيام الخيار لأردها فقال البائع ليست هذه جاريتي القول قول من قال أرى أن يحلف المبتاع أنها جاريته التي اشتراها منه على أن له الخيار ويردها. قلت تحفظه عن مالك؟ قال لا إلا أن مالكا قال في الرجل يدفع إلى الرجل الذهب يقضيه إياها من دين كان له عليه فيقول له خذها فأنظر إليها وقلبها فيأخذها على ذلك ثم يأتي بها ليردها فينكره الدافع ويقول ليست ذهبي قال القول قول المدفوع إليه مع يمينه. قلت أرأيت إن كان إنما اشترى حيوانا أو دورا أو رقيقا على أنه بالخيار ثلاثا فادعى المشتري أن الدواب أنفلتت منه والرقيق أبقوا أو ماتوا قال القول قول المشتري وهو مصدق في ذلك ولا يكون عليه شيء لأن هذا ليس مما يغاب عليه والموت إذا كان بموضع لا يجهل موته سئل عن ذلك وكشف أهل تلك القرية ولا يقبل في ذلك إلا قول عدول فإن عرف في مسئلتهم كذبه أغرمها وإن لم يعرف كذبه حمل من ذلك ما يحمل وحلف عليه وقبل قوله وقد قاله مالك. قلت فالأباق والسرقة والاتلاف إذا ادعاه وهو بموضع لا يجهل لم تسئل البينة عن ذلك ويكون القول قوله؟ قال نعم لا تسئل البينة والقول قوله إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه. قلت وهو قول مالك؟ قال نعم. قلت أرأيت كل سلعة اشتريتها على أني بالخيار فيها من ثوب أو عرض سوى الحيوان فغبت عليها ثم ادعيت أنه هلك في أيام الخيار أيكون القول قولي في قول مالك قال قال مالك هو ضامن. قلت فإن أتى بالبينة على أن السلعة التي غاب عليها قد هلكت هلاكا ظاهرا يعرف من غير تفريط من المشتري قال يكون من البائع. قال وقال مالك في الرهن في الضياع وفي العارية ما هلك من ذلك مما يغيب عليه مما تثبته البينة العادلة أنه هلك بغير ضيعة من الذي كانت عنده فلا ضمان عليه. قال مالك ومن ذلك أن يرهن الرجل الرهن وهو في البحر في المركب فيغرق وله بذلك البينة أنه غرق أو يحترق منزله أو يلقاه اللصوص ومعه رجال فيأخذ اللصوص السلعة منه فشهد الشهود على رؤية ما وصفت لك أنهم رأوه حين احترق وأنهم رأوه حين أخذه اللصوص فهو ضامن صاحبه والذي أعيره أو رهنه منه بريء ولا تباعة عليه وكذلك الذي يشتري على أنه بالخيار فيغيب عليه هو مثل هذا. قلت أرأيت إن اشترى حيوانا على أنه بالخيار ثلاثا فقبض الحيوان أو وغاب عليها ثم ادعى المشتري الذي غاب على الحيوان أنها هلكت أو أبقت إن كانت رقيقا قال قال مالك القول قوله إلا أنه في الموت إن كان مع أحد سئل عن تبيان ذلك فإن الموت إذا مات في قرية فيها أهلها لم يخف عليهم ذلك وإن ادعى انفلاتا أو إباقا أو سرقة فالقول قوله مع يمينه إلا أن يأتي بما يدل على كذبه. قلت أرأيت إن سألوا في القرية عن موت الحيوان الذي ادعى أنه مات في تلك القرية فلم يصيبوا من يصدق قوله قال فأراه في هذا كاذبا حين لم يوجد أحد يعلم هلاك ما ادعى وهو في قرية فأراه غارما له. قلت أرأيت إن بعت رجلا سلعة بها عيب ولم أبين له العيب ثم جئته بعد ما وجبت الصفقة فقلت له إن بالسلعة عيبا فإن شئت فخذ وإن شئت فدع فقال سألنا مالكا عنها فقال إن كان العيب ظاهرا يعرف أو قامت البينة بالعيب الذي ذكر إذا لم يكن ظاهرا كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك وإن كان إنما يخبر خبرا ليس بظاهر وليس عليه بينة يأتي بها فالمشتري على شرائه ولا يضره ما قال له البائع وإن وجد ذلك العيب بعد ذلك على ما قال البائع كان بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك. قلت ما قول مالك في رجل باع سلعة على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام فقبض المشتري السلعة فلم يردها حتى مضت أيام الخيار ثم جاء بها يردها بعد ما مضت أيام الخيار أيكون له أن يردها أم لا؟ قال إن أتى بها بعد مغيب الشمس من آخر أيام الخيار أو من الغد أو قرب ذلك بعد ما مضي الأجل رأيت أن يردها وإن تباعد ذلك لم أر أن يردها. قال ابن القاسم إلا أني قلت لمالك الرجل يشتري الثوب أو السلعة على أنه بالخيار اليوم واليومين والثلاثة فإن غابت الشمس من آخر أيام الخيار ولم يأت بالثوب إلى آخر الأجل لزم المبتاع البيع. قال قال مالك لا خير في هذا البيع ونهى عنه. قال وقال مالك فيما يشبه هذا أرأيت إن مرض المشتري أو حبسه السلطان أكان يلزمه البيع فكره هذا. فهذا يدلك من قوله على أنه يرد وإن مضى الأجل إذا كان ذلك قريبا من مضى الأجل. قال وقال مالك أيضا في المكاتب يكاتبه سيده على أنه إن جاء بنجومه إلى أجل مسمى وإلا فلا كتابة له. قال ليس محو كتابة العبد بيد السيد بما شرط ويتلوم للمكاتب وإن حل الأجل فإن أعطاه كان على كتابته. قال مالك والقطاعة مثله يتلوم له أيضا وإن مضى الأجل فإن جاء به عتق. قلت أرأيت إن اشتريت سلعة على أني بالخيار ثلاثا فلم أقبض السلعة من البائع ولم أختر في أيام الخيار ردها حتى تطاول تركي إياها في يدي البائع ثم جئت بعد بعد مضي أيام الخيار بزمان فقلت أنا أختار إجازة البيع وقال البائع قد تركتها حتى مضت أيام الخيار فلا خيار لك ولا بيع بيني وبينك. قال قال مالك إذا اختار بحضرة مضي أيام الخيار بقرب ذلك جاز خياره وكان البيع جائزا وإن لم يختر حتى تطاول ذلك بعد مضي أيام الخيار ويعرف أنه تارك لبعد ذلك فلا خيار له والسلعة للبائع. قلت فإن كان قبض السلعة المشتري وكان اشتراها على أنه بالخيار ثلاثا ولم يختر في أيام الخيار الرد ولا الإجازة حتى مضت أيام الخيار وتطاول ذلك ثم جاء بعد ذلك يرد السلعة؟ قال لا يقبل قوله والسلعة لازمة للمشتري في قول مالك إلا أن يردها بحضرة مضي أيام الخيار أو قرب ذلك فإن تطاول ذلك فالسلعة لازمة للمشتري. قلت وإنما ينظر في هذا إذا مضت أيام الخيار وتطاول ذلك حتى لا يقبل قول من كان له الخيار في السلعة حيث هي فإن كانت في يد البائع كانت له ولا بيع بينهما وإن كان قد قبضها المشتري فالبيع جائز والسلعة لازمة له؟ قال نعم إنما ينظر إلى السلعة حيث هي فإذا مضت أيام الخيار وتطاول ذلك فيجعلها للذي هي في يديه. قلت أرأيت إن اشتريت سلعة على أني بالخيار ولم يجعل للخيار وقتا أترى هذا البيع فاسدا أو جائزا قال أراه جائزا وأجعل له من الخيار مثل ما يكون له في مثل تلك السلعة. قال عبد الرحمن بن القاسم قال مالك في الرجل يبيع ثمرة حائطه على أن يختار البائع ثمر أربع نخلات منها أو خمس قال ذلك جائز. قال ابن القاسم قال مالك هذا عندي بمنزلة رجل باع كباشه هذه على أن يختار البائع منها أربعة أو خمسة فذلك جائز ولا بأس به. قلت فإن باع أصل حائطه على أن يختار البائع منها أربع نخلات أو خمسا قال ذلك جائز في قول مالك. قلت أرأيت إن باع ثمرة نخل له واستثنى من مائة نخلة عشر نخلات ولم يسمها بأعيانها ولم يستثن البائع أن يختارها قال أرى أن يعطي عشر مكيلة ثمر الحائط وهما شريكان في الثمرة البائع والمشتري لهذا العشر ولهذا تسعة أعشار الثمرة ولأنه كأنه باعه تسعة أعشار ثمرة حائطه فلذلك جعلته شريكا معه. قلت أرأيت إن اشتريت من ثمرة حائطه هذا ثمر أربع نخلات أختارهن أيجوز أم لا؟ قال لا خير في هذا عند مالك. قلت فإن اشترى أربع نخلات بأصولهن على أن يختارهن من هذا الحائط؟ قال لا بأس بهذا عند مالك ما لم يكن فيهن ثمرة فإن كان فيهن ثمرة فلا خير فيه وليس هذا بمنزلة رجل باع حائطه كله على أن يختار منه أربعا أو خمسا. قال فذلك جائز ولا يعجبني ذلك في ثمرة النخل وإن نزل لم أفسخه ولا بأس به في الكباش. قلت فالطعام كله إذا اشترى منه شيئا على أن يختار منه؟ قال لا يجوز ذلك عند مالك إذا كانت صبرا مختلفة. قلت أرأيت إن قال آخذ منك ثوبين من هذه الأثواب وهي عشرون ثوبا بعشرة الدراهم على أني بالخيار ثلاثا آخذ أحدهما بعشرة دراهم أيجوز هذا في قول مالك أم لا؟ قال ذلك جائز. قلت وسواء إن كانا ثوبين أو أثوابا كثيرة فاشترى منها ثوبا يختاره وضرب لذلك أجلا أياما؟ قال نعم هو سواء عند مالك. قلت أرأيت إن اختار المشتري أحد الثوبين بغير محضر من البائع أيكون ذلك له في قول مالك؟ قال نعم. قلت فإن اختار أحد الثوبين بغير محضر من البائع وأشهد على ذلك ثم ضاع الثوب الباقي قال هو فيه مؤتمن لأنه قد أخذ الثوب ببينة. قلت فإن أخذ الثوبين على أن يختار أحدهما فذهب فقطع أحدهما قميصا أو رهنه أو أحرقه فأفسده أو نحو ذلك أيلزمه هذا الذي أحدث فيه ما أحدث وتجعله منه وتجعله في الآخر مؤتمنا؟ قال نعم وقد بينا هذا. قال والحيوان كله إذا أخذه على أن يختار منه واحدا بكذا وكذا درهما كان ذلك جائزا في قول مالك قال قال مالك في الغنم إذا اشترى شاة من جماعة غنم يختارها فلا بأس بذلك أو عددا سماه نحو العشرة من جماعة كثيرة فلا بأس بذلك. قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى من رجل خمسين ثوبا من عدل فيه مائة ثوب على أن يختار الخمسين ثوبا من العدل قال إذا كانت الثياب التي في العدل نوعا واحدا موصوفة طولها وعرضها ورقعتها وإن كان بعضها أفضل من بعض بعد أن تكون هروية كلها أو مروية كلها أو فسطاطية فلا بأس بهذا. قلت وهذا قول مالك؟ قال نعم. قلت فإن اختلفت الثياب التي في العدل فكانت أصنافا من الثياب اشتريت خمسين ثوبا أختارها؟ قال لا خير فيه إلا أن يشترط صنفا يختار منه خمسين ثوبا أو يشترط فيقول أختار من صنف كذا وكذا ثوبا ومن صنف كذا وكذا ثوبا حتى يفرد الخمسين ثوبا ويذكر أصنافها كلها. قلت وكذلك إن كانت الثياب أكسية خز وحرير لم يجز حتى يسمي ما يختار من كل صنف في قول مالك؟ قال نعم. قلت ولم جوز مالك هذا البيع إذا اشتريت على أن أختار ألا ترى أنه لم يقع البيع على شيء يختاره بعينه قال إنما جوزه مالك لأن رجلا لو اشترى من مائة كبش خمسين كبشا يختارها لم يكن بذلك بأس. قال ابن القاسم وكذلك كل ما يباع إذا كان صنفا واحدا على أن يختار فلا بأس به وهذا مما لا بد للناس في بيوعهم منه غير الطعام فإن كان الطعام فلا خير في أن يشتري على أن يختار في شجر ولا صبر ولا في نخل لأن ذلك يدخله بيع الطعام بالطعام متفاضلا لأنه كان وجب له غير الصنف الذي أخذ من الطعام فتركه وأخذ به هذا الذي أخذ وإن اختلف ما يختار فيه حتى تكون إبلا أو بقرا أو غنما فلا يجوز إلا أن يشترط ما يختار من كل صنف فكذلك الثياب إذا اختلفت عند مالك. قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى مائة شاة على أن يرد منها شاة أيتهن شاء أيجوز هذا البيع في قول مالك؟ قال نعم لأنه إنما هو رجل اشترى تسعة وتسعين شاة من هذه المائة على أن يختار فله أن يرد منها شاة أيتهن شاء والبيع جائز. قال وقال مالك ولو أن رجلا اشترى عشرين شاة من مائة شاة أو ثلاثين شاة أو أربعين شاة على أن يختارها فلا بأس به فكذلك هذا أيضا. قلت وكذلك لو باعه البائع هذه المائة كلها إلا شاة واحدة يختارها البائع ويكون للمشتري ما سوى ذلك فذلك له في قول مالك؟ قال نعم ولكن لو كان البائع يقول أختار من هذه المائة تسعة وتسعين وأبيعك واحدة من شرارها أو عشرة من شرارها فلا يجوز ذلك وكذلك قال مالك. قلت أرأيت إن لم يشترط المشتري الخيار ولا البائع والمسئلة على حالها قال البيع جائز ويكون المشتري بالشاة التي استثناها شريكا يكون له جزء من مائة جزء. قلت وهذا قول مالك قال هذا مثل قول مالك في الثياب. قلت والثياب في هذا بمنزلة ما وصفت لي في الغنم؟ قال نعم. قال وقال مالك في الثياب إذا اشترط أن يختار كان له أن يختار وإن لم يشترط الخيار كان شريكا له. قلت وكذلك الإبل والبقر والغنم والحمير والدواب إذا كانت صنفا واحدا اشتراها صفقة واحدة واستثنى البائع منها واحدة أو عشرا أو عشرين كان ذلك له وكان شريكا إذا لم يشترط الخيار؟ قال نعم إلا أن يكون الذي اشترط البائع جلها على الخيار فلا خير في ذلك فإن لم يكن جلها فلا بأس به لأن مالكا قال لو أن رجلا باع ثيابا بثمن واشترط أن يختار منها. قال إن كان اشترط رقما بعينه يختار منه فذلك له وإن لم يشترط شيئا بعينه فهو شريك في جملة الثياب بقدر ما استثنى من ذلك فهذا إذا لم يشترط أن يختار كان البيع جائزا وإنما أبقى البائع جزأ له واحدا فلم يشترط أن يختار البائع ولم يشترط المبتاع الخيار فهو شريك بذلك الجزء. قلت فإن اشترط المشتري أن يختار من هذا الحائط عشر نخلات يختارها؟ قال لا خير في ذلك عند مالك لأنه يدخله التمر بالتمر متفاضلا قال سحنون ألا ترى إذا قال الرجل للرجل أبيعك السمراء تسعة آصعة بدينار والمحمولة عشرة بدينار أيهما شئت فخذ فقد وجب لك إحدهما فلا تفر من ذلك وتفسير ذلك أنه كان يفسخ السمراء بالمحمولة والمحمولة بالسمراء وفيه أيضا بيع الطعام قبل استيفائه وإذا قال الرجل هذا التمر خمسة عشر بدينار وهذه الحنطة عشرة بدينار وأيهما شئت فخذ فقد وجبت لك إحدى السلعتين فلا تفر منه فإن ذلك بيع قبل استيفائه وتفسير ذلك أنه ملكه بيعتين لا يصلح له فسخ إحداهما بصاحبتها قبل أن يستوفى لأنه أوجب له الحنطة ثم فسخها فأخذ مكانها تمرا والتمر بالحنطة بيع مثل الحنطة بالذهب ومثلها بالورق وليست بقضاء منها ولا يجوز بها مكانها إلا بيعا ببيع ويدا بيد فإذا خيره هكذا بين سمراء ومحمولة أيهما شاء أن يأخذ أخذ وقد وجبت له إحداهما فهو أيضا من هذا الباب بيع قبل استيفاء ألا ترى أنه لما ملك إحدى البيعتين وفسخ إحداهما في صاحبتها أنه قد وجب له تسعة آصع من السمراء فهو يدع التسعة التي وجبت له من السمراء بعشرة آصع من المحمولة أو يدع عشرة الآصع التي وجبت له من المحمولة بتسعة آصع من السمراء وهو لا يصلح له أن يشتري تسعة بعشرة وهذا شبيه ما نهي عنه من بيعتين في بيعة وهو مما نهي عنه أن يباع اثنان بواحد إذا كانا من صنف واحد. قال مالك ومثله لا ينبغي للرجل أن يبيع من نخله عشرة أعذق ويبيع ثمرها على أن المبتاع يختارها وذلك أن المبتاع ينقل تلك العشرة إلى غيرها وقد وجبت عليه في حال فيأخذ أقل أو أكثر وقد نهي عن بيع التمر بالتمر إلا مثلا بمثل قال سحنون وكل هذا قاله مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة إلا أن يأخذها يريد المعني والنيء على صاحبه وصاحبه كذلك قال ابن القاسم ولو اشترط البائع أن يختار. قال مالك ذلك له جائز وما رأيت أحدا من أهل العلم يعجبه قول مالك في ذلك ولا يعجبني أيضا الذي قال مالك من ذلك في كتبه النخل يختارها البائع وما رأيته حين كلمته في ذلك عنده حجة ولقد أوقفني فيها نحوا من أربعين ليلة ينظر فيها ثم قال لي ما أراها إلا مثل الغنم يبيعها الرجل على أن يختار منها عشر شياه فلم يعجبني لأن الغنم بعضها ببعض لا بأس به متفاضلا والتمر بالتمر متفاضلا لا خير فيه فإذا وقع أجزته لما قال مالك في ذلك ولا أحب لأحد أن يدخل فيه ابتداء ولا يعقد فيه بيعا وهو إذا لم يشترط الخيار أجزت البيع وجعلت له من كل نخلة بقدر ما استثنى إن كانت عشرة من مائة جعلت له عشر كل نخلة على قدر طيبها ورداءتها حتى كأنه شريك معه فهذا لا بأس به بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
|